غاليه الاداره
عدد المساهمات : 123 نقاطي : 25673 تاريخ التسجيل : 20/06/2010
| موضوع: تابع سلسلة سيرة الحبيب المطفى صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا الأحد يونيو 27, 2010 5:12 am | |
| بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هديه صلى الله عليه وسلم في زيارة المرضى
كان يعود من مرض من أصحابه ، وعاد غلاما كان يخدمه من أهل الكتاب وعاد عمه وهو مشرك ، وعرض عليهما الإسلام فأسلم اليهودي .
وكان يدنو من المريض ، ويجلس عند رأسه ويسأله عن حاله ، وكان يمسح بيده اليمنى على المريض ، ويقول : اللهم رب الناس ، أذهب البأس ، واشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما [متفق عليه .] وكان يدعو للمريض ثلاثا ، كما قال : اللهم اشف سعدا ثلاثا وكان إذا دخل على المريض يقول : لا بأس طهور إن شاء الله [رواه البخاري .] وربما قال : كفارة وطهور
وكان يرقي من كان به قرحة أو جرح أو شكوى فيضع سبابته بالأرض ، ثم يرفعها ويقول : بسم الله تربة أرضنا بريقة بعضنا يشفى سقيمنا بإذن ربنا وهذا في " الصحيحين " وهو يبطل اللفظة التي جاءت في حديث السبعين ألفا " لا يرقون " وهو غلط من الراوي .
ولم يكن من هديه أن يخص يوما بالعيادة ، ولا وقتا ، بل شرع لأمته عيادة المريض ليلا ونهارا . وكان يعود من الرمد وغيره ، وكان أحيانا يضع يده على جبهة المريض ، ثم يمسح صدره وبطنه ، ويقول : اللهم اشفه وكان يمسح وجهه أيضا ، وإذا أيس من المريض قال : إنا لله وإنا إليه راجعون
وكان هديه في الجنائز أكمل هدي مخالفا لهدي سائر الأمم مشتملا على الإحسان إلى الميت وإلى أهله وأقاربه ، وعلى إقامة عبودية الحي فيما يعامل به الميت ، فكان من هديه عبودية الرب تعالى على أكمل الأحوال ، وتجهيز الميت إلى الله تعالى على أحسن الأحوال ، ووقوفه وأصحابه صفوفا يحمدون الله ، ويستغفرون له ، ثم يمشي بين يديه إلى أن يودعوه حفرته ثم يقوم هو وأصحابه على قبره سائلين له الثبات ، ثم يتعاهده بالزيارة إلى قبره ، والسلام عليه ، والدعاء له .
فأول ذلك تعاهده في موضعه ، وتذكيره الآخرة ، وأمره بالوصية والتوبة ، وأمر من حضره بتلقينه شهادة أن لا إله إلا الله ، لتكون آخر كلامه ، ثم نهى عن عادة الأمم التي لا تؤمن بالبعث من لطم الخدود ، ورفع الصوت بالندب والنياحة ، وتوابع ذلك .
وسن الخشوع للموت ، والبكاء الذي لا صوت معه ، وحزن القلب ، وكان يفعله ويقول : تدمع العين ، ويحزن القلب ، ولا نقول إلا ما يرضي الرب وسن لأمته الحمد والاسترجاع والرضا عن الله .
وكان من هديه الإسراع بتجهيز الميت إلى الله ، وتطهيره وتنظيفه وتطييبه ، وتكفينه في ثياب البياض ، ثم يؤتى به إليه ، فيصلي عليه بعد أن كان يدعي له عند احتضاره ، فيقيم عنده حتى يقضي ، ثم يحضر تجهيزه ، ويصلي عليه ، ويشيعه إلى قبره ، ثم رأى أصحابه أن ذلك يشق عليه ، فكانوا يجهزون ميتهم ، ثم يحملونه إليه ، فيصلي عليه خارج المسجد ، وربما كان يصلي أحيانا عليه في المسجد ، كما صلى على سهيل بن بيضاء وأخيه فيه .
وكان من هديه تغطية وجه الميت إذا مات وبدنه ، وتغميض عينيه وكان ربما يقبل الميت ، كما قبل عثمان بن مظعون وبكى .
وكان يأمر بغسل الميت ثلاثا أو خمسا أو أكثر بحسب ما يراه الغاسل ، ويأمر بالكافور في الغسلة الأخيرة .
وكان لا يغسل الشهيد قتيل المعركة ، وكان ينزع عنهم الجلود والحديد ، ويدفنهم في ثيابهم ، ولم يصل عليهم ، وأمر أن يغسل المحرم بماء وسدر . ويكفن في ثوبي إحرامه ، ونهى عن تطييبه ، وتغطية رأسه ، وكان يأمر من ولي الميت أن يحسن كفنه ، ويكفنه في البياض ، وينهى عن المغالاة في الكفن ، وإذا قصر الكفن عن ستر جميع البدن غطى رأسه ، وجعل على رجليه شيئا من العشب .
وكان إذا قدم إليه ميت سأل : هل عليه دين ؟ فإن لم يكن عليه دين صلى عليه ، وإن كان عليه دين ، لم يصل عليه ، وأمر أصحابه أن يصلوا عليه فإن صلاته شفاعة ، وشفاعته موجبة ، والعبد مرتهن بدينه لا يدخل الجنة حتى يقضى عنه ، فلما فتح الله عليه كان يصلي على المدين ، ويتحمل دينه ، ويدع ماله لورثته .
فإذا أخذ في الصلاة عليه ، كبر ، وحمد الله ، وأثنى عليه . وصلى ابن عباس على جنازة ، فقرأ بعد التكبيرة الأولى بالفاتحة ، وجهر بها ، وقال : لتعلموا أنها سنة .
قال شيخنا : لا تجب قراءتها ، بل هي سنة . وذكر أبو أمامة بن سهل عن جماعة من الصحابة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فيها .
وروى يحيى بن سعيد الأنصاري عن سعيد المقبري عن أبي هريرة أنه سأل عبادة بن الصامت عن صلاة الجنازة ، فقال : أنا والله أخبرك ، تبدأ فتكبر ، ثم تصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ، وتقول : اللهم إن عبدك فلانا كان لا يشرك بك ، وأنت أعلم به ، إن كان محسنا فزد في إحسانه ، وإن كان مسيئا فتجاوز عنه ، اللهم لا تحرمنا أجره ولا تضلنا بعده .
ومقصود الصلاة عليه الدعاء ، ولذلك حفظ عنه ، ونقل من الدعاء ما لم ينقل من قراءة الفاتحة ، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، وحفظ من دعائه : اللهم إن فلان ابن فلان في ذمتك ، وحبل جوارك ، فقه فتنة القبر ، وعذاب النار ، وأنت أهل الوفاء ، والحق ، فاغفر له ، وارحمه إنك أنت الغفور الرحيم .
وحفظ من دعائه أيضا : اللهم أنت ربها ، وأنت خلقتها ، وأنت رزقتها ، وأنت هديتها للإسلام ، وأنت قبضت روحها ، تعلم سرها وعلانيتها ، جئنا شفعاء فاغفر لها وكان يأمر بإخلاص الدعاء للميت .
وكان يكبر أربع تكبيرات ، وصح عنه أنه كبر خمسا ، وكان الصحابة يكبرون أربعا وخمسا وستا . قال علقمة : قلت لعبد الله : إن ناسا من أصحاب معاذ قدموا من الشام ، فكبروا على ميت لهم خمسا ، فقال : ليس على الميت في التكبير وقت ، كبر ما كبر الإمام ، فإذا انصرف الإمام فانصرف .
قيل للإمام أحمد : أتعرف عن أحد من الصحابة أنهم كانوا يسلمون تسليمتين على الجنازة قال : لا ، ولكن عن ستة من الصحابة أنهم كانوا يسلمون تسليمة واحدة خفيفة عن يمينه ، فذكر ابن عمر وابن عباس وأبا هريرة .
وأما رفع اليدين فقال الشافعي : ترفع للأثر ، والقياس على السنة في الصلاة ، ويريد بالأثر ما روي عن ابن عمر وأنس أنهما كانا يرفعان أيديهما كلما كبرا على الجنازة .
وكان إذا فاتته الصلاة على الجنازة صلى على القبر ، فصلى مرة على قبر بعد ليلة ، ومرة بعد ثلاث ، ومرة بعد شهر ، ولم يوقت في ذلك وقتا ، ومنع منها مالك إلا للولي إذا كان غائبا . وكان يقوم عند رأس الرجل ، ووسط المرأة ، وكان يصلي على الطفل ، وكان لا يصلي على من قتل نفسه ، ولا على من غل من الغنيمة ، واختلف عنه في الصلاة على المقتول حدًا كالزاني .
فصح عنه أنه صلى على الجهنية التي رجمها ، واختلف في ماعز ، فإما أن يقال : لا تعارض بين ألفاظه ، فإن الصلاة فيه هي الدعاء ، وترك الصلاة عليه تركها على جنازته تأديبا وتحذيرا . وإما أن يقال : إذا تعارضت ألفاظه عدل عنها إلى الحديث الآخر .
وكان إذا صلى عليه تبعه إلى المقابر ماشيا أمامه ، وسن للراكب أن يكون وراءها ، وإن كان ماشيا يكون قريبا منها ، إما خلفها ، أو أمامها ، أو عن يمينها ، أو عن شمالها . وكان يأمر بالإسراع بها حتى إن كانوا ليرملون بها رملا ، وكان يمشي إذا تبعها ، ويقول : لم أكن لأركب والملائكة يمشون فإذا انصرف فربما ركب .
وكان لا يجلس حتى توضع ، وقال : إذا تبعتم الجنازة فلا تجلسوا حتى توضع
ولم يكن من هديه الصلاة على كل ميت غائب ، وصح عنه أنه صلى على النجاشي صلاته على الميت ، وتركه سنة ، كما أن فعله سنه ، فإن كان الغائب مات ببلد لم يصل عليه فيه ، صلى عليه ، فإن النجاشي مات بين الكفار .
وصح عنه أنه أمر بالقيام للجنازة لما مرت به ، وصح عنه أنه قعد ، فقيل : القيام منسوخ . وقيل : الأمران جائزان ، وفعله بيان للاستحباب ، وتركه بيان للجواز . وهذا أولى .
وكان من هديه أن لا يدفن الميت عند طلوع الشمس ، ولا عند غروبها ، ولا حين قيامها .
وكان من هديه اللحد ، وتعميق القبر ، وتوسيعه من عند رأس الميت ورجليه ، ويذكر عنه أنه كان إذا وضع الميت في القبر قال : بسم الله وبالله ، وعلى ملة رسول الله وفي رواية : بسم الله ، وفي سبيل الله ، وعلى ملة رسول الله
ويذكر عنه أنه كان يحثو على الميت إذا دفن من قبل رأسه ثلاثا ، وكان إذا فرغ من دفن الميت ، قام على قبره هو وأصحابه ، وسأل له التثبيت ، وأمرهم بذلك .
ولم يكن يجلس يقرأ على القبر ولا يلقن الميت ، ولم يكن من هديه تعلية القبور ، ولا بناؤها ، ولا تطيينها ، ولا بناء القباب عليها ، وقد بعث علي بن أبي طالب أن لا يدع تمثالا إلا طمسه . ولا قبرا مشرفا إلا سواه [لمسلم عن أبي الهياج قاله .] فسنت تسوية هذه القبور المشرفة كلها .
ونهى أن يجصص القبر ، وأن يبنى عليه ، وأن يكتب عليه ، وكان يعلم من أراد - أن يعرف قبره بصخرة ، ونهى عن اتخاذ القبور مساجد ، وإيقاد السرج عليها ، ولعن فاعله ، ( ونهى عن الصلاة إليها ، ونهى أن يتخذ قبره عيدا [لحديث أبو داود بإسناد حسن رواته ثقات .] .
وكان هديه أن لا تهان القبور وتوطأ ، ويجلس عليها ، ويتكأ عليها ، ولا تعظم بحيث تتخذ مساجد وأعيادا وأوثانا .
وكان يزور قبور أصحابه للدعاء لهم ، والاستغفار لهم ، وهذه هي الزيارة التي سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمرهم إذا زاروها أن يقولوا : السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين ، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ، نسأل الله لنا ولكم العافية [مسلم بدون لقط المسلمين .] .
وكان يقول ويفعل عند زيارتها من جنس ما يقوله عند الصلاة عليه ، فأبى المشركون إلا دعاء الميت والإشراك به ، وسؤاله الحوائج ، والاستعانة به ، والتوجه إليه عكس هديه صلى الله عليه وسلم فإنه هدي توحيد وإحسان إلى الميت .
وكان من هديه تعزية أهل الميت ، ولم يكن من هديه أن يجتمع ويقرأ له القرآن ، لا عند القبر ، ولا غيره .
وكان من هديه أن أهل الميت لا يتكلفون الطعام للناس ، بل أمر أن يصنع الناس لهم طعاما ، وكان من هديه ترك نعي الميت ، بل كان ينهى عنه ، ويقول : هو من عمل أهل الجاهلية | |
|